[بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة : عن معاني الأخوة الإيمانية المفقودة
عندما كنتُ صغيراً نشأتُ أنا وإخواني في مسجد صغير يحب بعضنا بعضا ويخاف بعضنا على بعض
كنا متقاربين سنا فكنا في المرحلة الجامعية
كنا على قلب رجل واحد
تربينا
على حب القرآن
وعلى حب تلاوته
وعلى حب التنافس في الخيرات
كنا نساعد بعضنا على الاستيقاظ لصلاة القيام فكنا نتصل ببعضنا على الساعة الثانية ليلا
ونتصل على بعضنا مرة ثانية قبل آذان الفجر
لنطمئن أن جميعنا قد استيقظ لأداء صلاة الفجر
كنا كثيرا ما نتنافس على الصف الأول وخاصة في صلاة الفجر
إلى حد أن الصف الأول كان يمتلئ قبل أذان الفجر الثاني بنصف ساعة
تربينا
على حب المكث إلى الشروق
وعلى صلاة الضحى
كنا نمكث إلى الضحى لا يتكلم إيٌ منَّا مع الآخر حتى لا يضيع ورد أخيه
وحتى لا يضيع خشوعه
وبعد صلاة الضحى ركعتين أو أربع ركعات أو ما يمن الله به علينا
كنا نجتمع ونمازح بعضنا البعض ونطمئن على أحوالنا
وأحيانا كنا نجمع ما معنا من قروش قليلة لشراء إفطار نفطر عليه في المسجد
نعم إنه قليل من الخبز مع شيء من الفول
ولكنها نعمة كانت من أطيب النعم
إنها نعمة الأخوة في الله
كنا ننزعج إذا رأى أيُّ منَّا أخاه لا يلبسُ قميصَه الأبيض
أو أن أخاه قد انصرف بعد الفجر مباشرة ولم يمكث للضحى
أتذكر أن مسجدنا هذا بالرغم من صغره كان يمرُ عليه العام والعامان
ولا يغلق بعد صلاة الفجر إلا بعد أن نصلي الضحى
وأما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى
فهي ألا يستقيظ أحدُنا لصلاةِ الفجر
فهذا لم يكن يتخيلُ عندنا وبيننا
كنا نمضي الشهر والشهرين والثلاثة شهور
ولا يسقط من أيِّ منا الفجر
وكنا نستعجب ونقلب أيدينا ندماً لو غابَ أيُّ منا عن صلاة الفجر
ونعلم أن ضُراً أصابَه
كان مكاننا في الصف الأول
كان همنا حضور الدروس
لا أنسى هذه الأيام
أيام حضور درس الفقه
حيث كان الدرس بعد صلاة العشاء ليوم الاثنين
كنا نذهب بعد صلاة العصر مباشرة حتى ندرك مكانا
ومعنا كتب الفقه
ومعنا إفطارنا وشرابنا حيث نجتمع بعد صلاة المغرب وقبل بدء الدرس فنفطر سويا ثم نحضر الدرس الذي سوف يشرح لنا
وبعد انتهاء الدرس نتحاور في الدروس المستفادة
كنا نفطر سويَّا كل يوم إثنين وخميس وكذلك يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر
وكنا وكنا وكنا و ......
كان يضرب بنا المثل في معاني الإخوة
ودارت الأيام و مرت الليالي
ومضت الشهور وذهبت الأعوام
وكبر هؤلاء الأخوة وقد حفظوا كتاب الله تعالى كله
ودرسوا الكثير من العلوم الشرعية
ثم تزوجوا جميعهم وسكن كل واحد منهم في مكان يبعد عن الآخر
وبالرغم من ذلك
لم يتغيروا تجاه بعضهم
كانوا يجتمعون كل أسبوع في إحدى أيامه يحاسبون أنفسهم ....
أيُّ منا ترك القيام ؟؟
أيُّ منا ترك ورده القرءاني ؟؟
أيُّ منا قصر في الدعوة إلى الله تعالى ؟؟
أيُّ منا قصر في حضور مجالس العلم ؟؟
كانوا يتناصحون فيما بينهم كما وفقهم الله لهذا العلم أن يساعدوا غيرهم على التعلم
كانوا يسعون في تربية غيرهم على معاني الأخوة التي تربوا عليها
هذه قصة قصيرة تبين معاني الإخوة الإيمانية المفقودة
وإليك بعض أقوال السلف ـ رضوان الله عليهم ـ في معاني الإخوة .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
لقاء الإخوان جلاء الأحزان وإذا رزقك مودة امرئ مسلم فتثبت به.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع إلى قول أهل النار:
" فما لنا من شافعين ولا صديق حميم".
قال خالد بن صفوان رحمه الله :
إن أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان وأعجز منه من ضيع من ظفر بهم.
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
من علامات الصادق في أخوة أخيه أن يقبل علله ويسدد خلله ويغفر زلته.
وقد قِيل قديماً:
خير الإخوان من أقبل عليك إذا أدبر الزمان عنك
وجزاكم الله خيرا
اخوكم الدعية/ سلام الانصارى
فلسطين غزة
[/right]
[right][/center]