من أنا؟ ومن أحب أن أكون؟
--------------------------------------------------------------------------------
قبل أن تبدأ القراءة، يحتوي هذا الموضوع على قدر لا بأس به من السفسطة، لذلك إن لم تكن ممن يهوون سفسطة الأمور فلا أشجعك على المتابعة...
هل تعرف تمام المعرفة من تكون؟
هل تعرف أيضاً من تحب أن تكون؟
أسئلة لطالما طرحتها على نفسي مراراً... قد يكون "من أحب أن أكون" أوضح في ذهني من "من أنا"... المشكلة تكمن في الفجوة بينهما... وفي عدم القدرة على التمييز بينهما... فقد تكون صورة الإنسان الذهنية عن نفسه أنه "من يحب أن يكون" ولكن الناس من حوله لا يرون فيه إلا "من يكون"... وقد يشعر الإنسان أنه في أعماقه يملك ما يجعله "من يحب أن يكون" لكنه أسير في "من يكون"... فما الفارق يا ترى بين "من أكون" و" من أحب أن أكون"؟!!
من أكون:
الإنسان هو جملة معقدة من المعتقدات الناتجة عن التجارب والخبرات التي اكتسبها سواء بالتعلم أو المشاهدة أو المعايشة... تحكم هذه المعتقدات سلوك الإنسان ومشاعره وتصرفاته وردات فعله... كما تتحكم بالطريقة التي يرى فيها العالم المحيط به، ويفسر من خلالها سلوك الآخرين من حوله...
من أحب أن أكون:
هو جملة أخرى من المعتقدات والخبرات التي تمثل ما يطمح الإنسان أن يكونه... أي الخبرات والمهارات التي يرغب في اكتسابها، أو المعتقدات التي يرغب في ترسيخها أو تلك التي يرغب في التخلص منها... تحدد هذه الجملة أهداف الإنسان وطموحاته، الأمور التي يرغب في تعلمها، والعادات السيئة التي يرغب في تركها...
أحد أهم أسس تقدير الإنسان لنفسه وثقته بها هو أن يعمل على تقليص الفجوة بين "من يكون" و"من يحب أن يكون" وذلك بأن يسعى لتحقيق أهدافه وطموحاته في هذه الحياة... فبذلك يجد أن لحياته غاية، وأن عمره لا يضيع سدى... فليفكر كل منا في هذين المفهومين، ليدرك تماماً "من يكون" و"من يحب أن يكون"، ثم ليضع جدولاً زمنياً واقعياً يسجل فيه أهدافه ويعمل على تحقيقها... ينبغي أن أشير إلى أن "من أكون" و"من أحب أن أكون" هي مفاهيم متغيرة مع تغير الزمن، ومع اكتساب المزيد من التجارب والخبرات، وبالتالي قد تختلف هذه المفاهيم في ذهن الإنسان عما كانت عليه فيما مضى... ما يهم هو أن يسير دوما باتجاه تحقيق أهدافه...
في النهاية، ليس من السهل أن تدرك تماماً "من تكون" و"من تحب أن تكون" وأن تميز بينهما... ولكن حينما تتمكن من ذلك، فستكون قد تملكت واحداً من أهم مفاتيح السعادة... آمل أن يكون موضوعي مفيداً وشكراً لحسن القراءة