كانت وما زالت المراة الفلسطينية معطاءة في صمودها ضد الاحتلال الاسرائيلي ورائدة العمل التنموي والانساني في مجتمعها الفلسطيني، وقد سطرت باشكالها المختلفة كافة مناحي الحياة الفلسطينية، ولالقاء الضوء عن كثب عن هذا الدور والتحديات التي تنتظر المراة الفلسطينية في ظل ظروف استثنائية تعيشها، كان لـ"نافذة الخير" هذا اللقاء مع مديرة مركز الدراسات النسوية بنابلس روضة البصير.
سجل حافل
كانت وما زالت المراة الفلسطينية تسطر شتى صنوف الانجازات والنضالات، والظروف التي مرت بها المراة الفلسطينية والتي تمر بها حاليا خاصة بعد الحرب على غزة ما زالت تشهد لها بشريك اساسي ومباشر بصناعة التاريخ الفلسطيني، فمنذ مئة عام من النضال الوطني والاجتماعي خاضته المرأة الفلسطينية منذ عشرينات القرن الماضي حيث تشكلت الحركة النسوية الفلسطينية كردة فعل على الاوضاع السياسية في ذلك الحين فناضلت الحركة النسوية عبر الجمعيات التي تشكلت في يافا وحيفا ونابلس والقدس والخليل وغزة من نساء النخبة حيث نجحن في تأسيس منظمات نسويه كانت مقتصرة بالأساس على تلك الشريحة من نساء، العائلات الاقطاعية المدنية والمتعلمة، كما أن الأنشطة التي قامت بها نساء النخبة في ذلك الوقت كانت مستمدة بدرجة كبيرة من رؤيتهن لواقعهن الطبقي، ومحدودة بحدود هذا الوعي، وكانت وما زالت مشاركة بكافة اشكال النضالات منذ الثلاثينيات ضد الانتداب البريطاني، وضربت اروع الامثلة بالتضحية بعد قرار تقسيمن فلسطين.
1. ما هي التحديات الأكبر التي ستواجهها المرأة الفلسطينية بالمستقبل، في ظروف احتلالية هي الأشرس من نوعها، ففي غزة كما ذكرنا كانت الحرب، وفي الضفة الحصار، وبالقدس اليوم التهجير، والذي تنتظره المرأة الفلسطينية بعد من الاحتلال؟
نستطيع القول بان المراة الفلسطينية قد سطرت شتى انواع الصمود والمواجهة ضد الاحتلال والدفاع عن وطنها فهي التي قدمت 7% من نسوتها من شهداء في الأعوام 1987ـ1997 و2% من جرحى الانتفاضة، وأكثر من 500 معتقلة فلسطينية في السجون الإسرائيلية، والاحتلال لا يقف عند حد معين، فهو احتلال ومن اسمه كونت المراة الفلسطينية صورة كاملة عنه، ولا تنتظر موقف منه او رحمة، فهو احتلال للمراة والام والابنة والاخت والارملة والفاقدة، و ليس من المبالغة في شيء القول بأن المرأة الفلسطينية في مرحلة ما بعد النكبة كان لها دور هام، وبصورة عفوية، في تأجيج المشاعر الوطنية والحفاظ على الهوية وحق العودة، إلى جانب تأجيج المشاعر الطبقية والاجتماعية، نظراً لشدة وعمق معاناتها، وتماسها اليومي المباشر مع كل مظاهر الحرمان والمرض والمعاناة اليومية التي فرضت عليها تدبير ما لا يمكن تدبيره لأطفالها وأقاربها في سياق المعاناة الأوسع على مساحة المخيم التي تلف الجميع من أبنائه وبناته في إطار من الرهبة والقسوة والخوف من الغد، والترقب والريبة، والحذر والاستنفار الدائم، شكلت كلها مدخلاً واسعاً لاندفاع أبناء المخيم ومشاركتهم النوعية والكمية الهائلة في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ما بعد النكبة الأولى 1948 إلى يومنا هذا، وتشكيل الحركات أو المنظمات.
ومع تزايد النشاط السياسي بتأثير العمل الطوعي الواسع في صفوف الحركة الطلابية واللجان التطوعية، وانشات الكوادر النسوية، ومع تطور دور المرأة الفلسطينية في سياق تطور واتساع المشاركة الجماهيرية الشعبية في كل مناطق الضفة والقطاع، بما دفع إلى تشكيل "المجلس النسوي الأعلى للأطر النسوية لقيادة العمل النسائي، وفي هذه الأثناء برز دور المنظمات الأهلية المتخصصة، أو غير الحكومية، كمركز الدراسات النسوية ومركز المرأة للارشاد الاجتماعي والقانوني في القدس ومركز شئون الاسرة في نابلس وغزة؛ حيث بدأت في الظهور بعض المنظمات النسوية غير الحكومية التي تعددت نشاطاتها وتميزت بتطويرها عن السابق في مجالات البحث والتدريب والتعبئة ونشر الوعي وحماية المرأة المعنفة، وهي كلها عوامل ساهمت إيجابياً في تخريج العديد من الكوادر النسائية المختبرة والمميزة.
2. لا بد أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تلعب دورا هاما في حياة المرأة الفلسطينية، كيف واجهت المراة الفلسطينية تلك العقبات؟
رغم ما واجهته النساء في فلسطين من تحديات من قبل الاحتلال،أو معيقات متمثلة بالواقع الاجتماعي وتعقيدات بناه المجتمعية، وما يتخللها من عادات وتقاليد تحجم دور المرأة، إلا أنها كافحت من أجل الحصول على حقوقها التي نالت اليسير منها، أملاً في أن تستمر في نشاطها، وتفصيل دورها، وإعادة تنظيمه بدرجة تتناسب وحجم التحديات الجدية التي تواجه النساء الفلسطينيات، وهذا ما يتطلب إيجاد بعض التغييرات الضرورية في التوجهات العامة، والخاصة في المجتمع الفلسطيني.
وبسبب هذه الحالة الصعبة التي عاشتها المرأة الفلسطينية لم تستطع، وفي معظم الأحوال،أن تعيش في وضع مستقر وآمن، بل ترتب على تلك الفترة، حالة من الحيرة والإرباك، التي أسهمت في مزيد من إضعاف مركزهن القانوني والاجتماعي.
إلى ذلك، يمكن القول أن تلك الممارسات القاسية بحق المرأة الفلسطينية ما زالت منتشرة على مستوى الأسرة والمجتمع الفلسطيني،خاصة في العديد من المجتمعات الريفية،الأمر الذي يتطلب من هذه المرأة جهود مضاعفة من أجل التغلب على تلك الممارسات المجتمعية السائدة التي أورثت اضطهاداً وتمييزاً بحقها في العديد من المجالات.
وبينت المعطيات الإحصائية والرقمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادرة في عام 2005 أن المرأة الفلسطينية تشكل ما نسبته (49,4%) من المجموع الكلي لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي المعطيات الاحصائية لعام 2008 تبين ان لكل 103 ذكور يوجد 100 انثى . الدراسات أثبتت أن ما يقارب من 10% من الأسر الفلسطينية تعيلها نساء . وان نسبة الاناث في القوى العاملة الفلسطينية 14,7% وان نسبة الامية لدية لدى الفتيات من خمسة عشرة سنة وما فوق قد بلغت 9%. هي وتوضح الدراسات أن نسبة (68%) من النساء ممن يستحققن الإرث،لم يحصلن على ذلك.
دور رائد
تبقى المرأة الفلسطينية طموحة بنيل حقوقها وتطبيق تلك الحقوق ولا بد من وجود معيقات ما زالت تعاني منها سواء مجتمعية او سياسية او اقتصادية في ظل الاحتلال والرظوف اليت تعاني منها، ولقد كفل القانون الأساسي الفلسطيني مبدأ المساواة بين المواطنين في مجال التوظيف في الوظائف العامة، وقد جاء قانون الخدمة المدنية في أغلب مواده القانونية لضمان هذا المبدأ، واقتصر التعيين بالنسبة للنساء على الدرجات الوسطى والدنيا من السلم الوظيفي، ويعني هذا استبعادها من مراكز صنع القرار الإداري على المستوى الرسمي، وبالرغم من أنها تمثل نسبة 13% من كافة العاملين في الوظائف الإدارية، فإنها تشكل ما نسبته 3% فقط من الموظفين في مراكز صنع القرار كالمشرعين وموظفي إدارة.
فععلى سبيل المثال، عند انعقاد أول مجلس وطني فلسطيني في القدس عام 1964 كانت نسبة تمثيل المرأة لا تتجاوز 2% من العضوية العمومية. وقد ارتفع العدد عام 1980 إلى 25 سيدة أي أصبحت النسبة حوالي 9% من الأعضاء البالغين 280 عضو انخفضت عضوية النساء الفلسطينيات في المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1996 لتصل إلى 7.5% نتيجة انضمام ممثلي وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني إليه. أي لم تحتل أي امرأة فلسطينة عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير منذ قيامها حتى الآن والتي تعد أعلى هيئة تنفيذية وقيادية في المنظمة.
4. هل استطاعت المراة الفلسطينية بلورت شخصيتها التي تميزها عن بقية نساء العالم، في ظل الظروف التي مرت بها وما زالت تعيشها؟
بصير تشيد بصمود المراة الفلسطينية
ان المرأة الفلسطينة مؤمنة بان هذه الارض هي ارضها لن ترضى عنها بديلا كل بقاع العالم ولم يكن مستغربا على المرأة الفلسطينية التي عادت اثناء الهجوم على غزة لتكون بجانب اسرتها مفضلة الموت في الوطن على الهروب والبقاء في الخارج، فالمرأة والرجل لا يوجد خيار امامهما سوى الصبر والتحمل واستحقت المرأة ان تضرب رقما قياسا في الصمود ، هي صامدة كشجرة الزيتون ثابتة صابرة مؤمنة بقدرها تنسج علمها وفجر حريتها بنضالها واستمراريتها في الحياة رغم الصعاب والصدمات صمودها وصبرها اذهل العالم هي كطائر الفنيق تتحول وتتجدد لتبدأ من جديد بعد كل اجتياح وبعد كل مصيبة.
حيث القدس مؤخرا بدات عمليات التطهير العرقي والتهويد وعمليات الطرد والاقصاء المبرجة التي انتهجتها اسرائيل بشكل مبرمج منذ عام 1967 بدءأ بالضم والإلحاق عام 1968 ومرورا بتهجير حي المغاربة ومصادرة الاراضي وانتهاء بمحاولة لهدم البيوت في حي البستان لاقامة متنزه لاحدى المستطونات خلال هذه المرحلة استخدمت القوات الاسرائيلية الاسلحة المحرمة دوليا من فسفورية وعنقودية والحقت في البنية التحتية الدمار والخراب، حيث وصل عدد الاسرى الفلسطينيين خلال تلك المرحلة الى 11 الف معتقل فلسطيني منهم 7600 طفل و800 امرأة، حاليا يتواجد 80 منهن في سجون تلموند وهاشرون اضافة الى سجن العزل في سجن الرملة نفي تيرتسا ستة منهن قد ولدن خلفن القبضان.
ونتيجة لسياسة تقطيع المناطق منعت اسرائيل النساء للوصول الى المستشفيات، حيث اضطرت 117 امرأة من الولادة على الحواجز وتوفي 36 من الاجنة قبل الوصول الى المستشفيات وكلنا نذكر السيدة ميسون التي قتل زوجها وجرح حماها والتي عريت بالكامل وتركت لعدة ساعات على الحاجز وهي قادمة إلى المستشفى لتضع ابنتها فداء.
وكل العالم كان شاهدا على المجازر الوحشية التي ارتكبت بحق المواطنين العزل اثناء اجتياح مخيم جنين ومدينة نابلس ومدينة بيت لحم عام 2002 . والاجتياح الاخير على غزة وما ارتكب اثنائه من جرائم ومذابح حرب يجب ان يقدم مرتكبيها الى محكمة الجنايات الدولية ليحاكموا كمجرمي حرب اجتياح غزة ذهب ضحيته اكثر من 1500 شهيد 20% منهم نساء و33% منهم اطفال ناهيك عن الجرحى والمعاقين الذين زاد عددهم عن 5000 وهدم البيوت والمنشئات الذي طال 24000 منشأة. وأثبتت والمرأة في ذلك ايضا بانها كانت محورا ومرتزا حصينا يحمي النار والديار، كل هذا لم يمنعها من ان تستمر بالعطاء وان تكون لها شخصيتها.
رسالة صمود
الاحتلال في كل زمان وفي كل مكان هو بشع وظالم ومكروه وكافة الشعوب ناضلت من اجل كنس وطرد الاحتلال عن ارضها فما حصل في غزة من جرائم حرب وما يحصل في القدس من تطهير عرقي وتهويد وما يلتهمه جدار الفصل العنصري من اراض زراعية تدلل ان هذا المحتل المتغطرس ماض في سياسته الكولونيالية الاستعمارية والمطلوب هو قبل كل شيء انهاء حالة الانقسام والتشرذم التي الحقت الاذى بقضيتنا الوطنية والمطلوب ان تتضافر كل الجهود الوطنية من اجل وضع حد لهذه الحقبة المؤلمة والسوداء في التاريخ الفلسطيني المعاصر ، لنتمكن من تحسين صورتنا امام اشقائنا العرب لان قضية فلسطين كانت وما زالت هي القضية المركزية للامة العربية وكانت عامل توحيد وتستطيع ان تكون عامل تجزئة وفرقة وهذا ما يحدث الان بسبب الانقسام والذي اتمنى ان يكون عابرا حتى تتوحد الامة حول فلسطين وشعبها المنكوب بسبب الاحتلال، فلتكن فلسطين كما كانت زمن نهوض وانبعاث حركات التحرر العربية وفي قلبها حركة التحرر الفلسطينية.
فلا خاسر من استمرار الانقسام والانتهاكات الا الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية ولا كاسب الا اعداء الشعب واعداء حقوقه الوطنية حريته، لنتمكن من طرح مطالبنا العادلة امام العالم ونحن موحدين ومن خلفنا كل شعبنا بكافة اطيافه الفكرية والسياسية والامتين العربية والاسلامية، وكل مناضلي ومناضلات العالم.
والمطلوب ايضا سن قوانين تنصف المرأة وتضع حدا للعنف والغبن الذي يلحق بها من جراء اخلاقيات المجتمع الذكوري الابوي حيث من شأن هذه القوانين ان تؤدي الى نهضة حقيقية للنصف الاخر من المجتمع وحتى نتحرر من الاحتلال يجب تحرير النصف الآخر.