شكلت المرأة الفلسطينية ولم تزل نقطة تقاطع بين الأسئلة الكبرى، التي أثيرت على مدار تاريخ القضية الفلسطينية برمتها، ليس بسبب حجمها المساوي لحجم الرجل في المجتمع الفلسطيني، بل بسبب الموقع المهم الذي تحتله في تكوين هذا المجتمع، إضافة إلى الدور الذي تلعبه في تحقيق الرفاه والتنمية، فكلما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة، وانخرطت أكثر في عمليات بناء المجتمع، كانت الفرصة أكبر أمام المجتمع الفلسطيني لتحقيق المزيد من التقدم والرفاه والتنمية.
ولم تتردد المرأة الفلسطينية في الانخراط في العمل الوطني الفلسطيني من أجل الخلاص من الاحتلال، وتحرير فلسطين ومقدساتها، واندفعت بقوة إلى ساحة النضال بشكليه السلمي والمسلح منذ بدء الانتداب البريطاني، ولقد شكل أول اتحاد نسائي فلسطيني عام 1921 بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني، وفي العام 1948 أسست بعض النسوة في يافا فرقة باسم "زهرة الأقحوان"، وهي فرقة نسائية سرية لدعم الثورة بالتحريض، وتزويد الثوار بالأسلحة والتموين .
وتأثرت المرأة كالرجل نتيجة لنكبة 1948 مما عزز لديها شعور الانتماء للوطن، وضرورة النضال من أجل الخلاص من الاحتلال، وبعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال باقي فلسطين، أحدثت المرأة الفلسطينية نقلة نوعية في طبيعة ونوعية مشاركتها في النضال، فهي جزء من الشعب العربي الفلسطيني، واجهت ما واجهه أبناء الشعب الفلسطيني من ظروف قاسية وصعبة جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يستثنِ المرأة من ممارساته القمعية طيلة سنوات احتلاله فلسطين.
وأسست المرأة الفلسطينية العديد من الاتحادات النسائية، كما انخرطت في صفوف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المقاومة، وشاركت فيها بشكل فاعل، وكان لها دور بارز في كافة الأنشطة النقابية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وشهد لها بدور فاعل خلال الانتفاضة الأولى، وفي عملية البناء التي تلتها.
وقد برز دور المرأة من خلال نضالها المشترك مع الرجل، وعبر نضالها الاجتماعي الذي تكرس عبر المنابر والدراسات وحملات الضغط والتوعية والمؤتمرات التي نادت بحقوق المرأة، والاعتراف بها كعنصر مهم في الحياة، فالنهضة الوطنية لا يستطيع الرجل القيام بها منفردا سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، لذا فإن تمكين المرأة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا هو شرط أساسي لقيام نهضة وطنية وتنمية شاملة.
وقد تمكنت المرأة الفلسطينية من أداء دور كبير في خدمة كافة شرائح المجتمع الفلسطيني قبل مجيء السلطة الفلسطينية وعقب اتفاق اوسلو، حيث أنشأت العديد من المؤسسات النسوية التي ساهمت في تعزيز دور المرأة في المجتمع، وتمكينها من النهوض بواقع أسرتها، والحفاظ عليها في ظل الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع.
وخطت المرأة الفلسطينية خطوات واسعة كعنصر إيجابي في المجتمع، خاصة بعد أن أصبحت تتمتع بحقوقها كاملة على المستوى القانوني، حيث لا يمكن إغفال التعديل الذي لحق بقانون الأحوال الشخصية، الذي لا يعد منصفا تماما للمرأة من وجهة نظر نسوية إلا أنه استطاع على الأقل أن يضمن حقوقها، حيث ساعد في رفع شأن المرأة، ومن المؤكد أنه يعد أحد العوامل الإيجابية في مسيرتها للحصول على حقوقها.
كما أن استثمار قدرات المرأة وتمكينها يعتبر أفضل السبل للإسهام في النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي، ولكي تستطيع المرأة المشاركة في هذه العملية التنموية، فلا بد من تمتعها بكافة حقوقها بما فيها إبداء الرأي، وطرح قضاياها بقوة عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، خاصة وأن قضايا المرأة تكتسب اليوم مفاهيم أكثر شمولاً وعمقاً، فلم تعد مجرد قضية مساواة مع الرجل تبررها قدرة المرأة ومؤهلاتها، وإنما باتت تنطلق من كون المرأة إنساناً كاملاً له حقوقه واستقلاليته وحريته وقدرته على العطاء بغض النظر عن وضع الرجل ودونما مقارنة معه.
فالمرأة الفلسطينية اليوم لا تزال غائبة بدرجة كبيرة عن جميع مستويات صياغة السياسات، وصنع القرار على الرغم من أن العالم عرف المرأة الفلسطينية على ارض الواقع، وعبر وسائل الإعلام، وهي تقوم بدورها النضالي في مجابهة الاحتلال وغير عابئة به، ولكن المرأة التي عرفت كل أشكال النضال، وكفل لها الدستور حق المساواة مع الرجل لم تقف مكتوفة الأيدي أمام المتغيرات السياسية، ففي عام 1996-2006 خاضت تجربتي الانتخابات التشريعية، وقبلها دخلت الانتخابات البلدية، وأحرزت فيها نتائج متقدمة.
وتعيش المرأة الفلسطينية اليوم أزمة حقيقية، تأثر سلباً على واقع الحركة النسويه جراء عدم التعاطي معها بصورة فاعلة، سواء من قبل أصحاب القرار أو ذوي الاختصاص، إضافة إلى غياب استراتيجيه فاعلة للحد من التأثيرات السلبية الناجمة عن المتغيرات السياسية المتلاحقة على الساحة الفلسطينية.
وللإعلام دور هام في زيادة الوعي المجتمعي بقضايا المرأة، وتغيير المفاهيم التقليدية الخاصة بها، وذلك من خلال ما يطرحه من قضايا وموضوعات بقوالب وأشكال فنية مختلفة، قادرة على إحداث التأثير المطلوب، وتغيير المواقف والاتجاهات نحوها.
والسؤال هل نجح الإعلام الفلسطيني في تغير صورة المرأة وساهم في طرح قضاياها بموضوعية ومهنية أم انه كان سيف مسلط عليها عزز من الأدوار النمطية التي لا يرى فيها إلا ربه منزل وماكنة للطبخ والعجن وهل تمكنت المرأة من السير بخطوات نحو غد أفضل ام انها بقيت اسيرة للعادات والتقاليد التي رسخت المرأة وكانها لوحة داخل المنزل ليس الا، بلا ان المرأة الفلسطينية ورغم جملة التحديات تمكن من ان تقول لا في لاضهادها او الحد من تطورها .